حسناً , ماذا لو قمت بإشعال تلك التلال من الذكريات التى بداخلى , هل سأحترقُ معها ؟ , سأظلُ أسأل نفسى دائماً : هل أنا سجينٌ لذاكرتى أم أنا و هى بشكلٍ ما نُشكل شيئاً واحداً ؟ , هل يوجد حدود فاصلة بيننا , و إن كانت موجودة فما هى ؟ , من منا يحوى الآخر بداخله ؟ و الأهم هل سأُتمكن من الإمساك بذاتى لو قمتُ بتنحية كل تلك الأكوام من المشاهد _ المشوشة فى أحيانٍ كثيرة _ عن رأسى ؟ , هل سأجِدنى واقفاً فى نهاية الممر ؟ أم سأجِدكِ ؟ , أم لن أعود موجوداً أصلا حتى أجد أى شىء ؟ , و أيضاً هل كل ذلك مجرد لهوُ فارغ و ألاعيب أدبية ؟!
...
و السؤال الأهم دائماً : هل أنا أحلُم ؟
...
فى صبيحة أحد الأيام قررت إحراق كافة الصور التى تجمعنا , بالفعل أحرقتها فى شكلها الورقى , و لكنها ظلت بداخلى فى شكلها الأعمق , أعنى شكلها المعنوى , و العجيب إنه يبدو إنها كانت موجودة بداخلى دائماً ولكن بشكلٍ باهت , فيبدو إنها لم تكن بحاجة إلى أن تصبح واضحة بداخلى لأنها موجودة فى الخارج بشكلٍ واضح إلى أقصى حد , شكلها الرقمى الثابت الذى لا يطوله النسيان , المهم إننى عندما قمت بإحراقها مادياً _ أعنى الصور _ تكثفت فى وجهها المعنوى تلقائيا بداخلى , و لم تعد باهتة فى هذا الوجه بل مضيئة و زاهية , هل يعنى ذلك أن إحراق الصور قد يؤدى بنا إلى محاسرة الذكريات بداخلنا لكى لا تتمكن من الهرب أبداً ؟ , هل نبدو حينها كغطاء الحلة الذى لا يدع البخار ينطلق للهواء , بل و يجعله أيضاً يعود إلى شكله الأثقل : الماء ؟ , هل عملية الإحراق تلك بكل ما تتضمن من مخاطرة و تضحية قد توفر مناخاً داخلياً لتنمو الأشياء بداخلنا و تزدهر و تعود تقريباً إلى كثافتها الأصلية ؟
...
فى المساء أكتشفتُ إننى كنت أحمقاً , لأننى أيضاً سوف أصبح فى يومٍ ما مثل تلك الصور التى أحرقتها , مجرد رماد , فيبدو أن كل الطرق تؤدى فى النهاية إلى نقطة واحدة : العدم , و لكن هل عندما أصِل فى يومٍ ما إلى تلك النقطة سوف أتكثَف فى داخلِك ؟! , أم سأتشظى فى هواء النسيان و أضيعُ فيه , بعد أن أصبح باهتاً أكثر فأكثر و أصيرُ شفافاً فى النهاية , هل ستصبح صورتى بداخلك ممزقة إلى عشرات القطع التى لا تتجمع الا مرة كل سنين ؟
...
فى صبيحة اليوم التالى أستيقظت لأجِد الصور بجانبى , شعرتُ إنها كانت تنتظرنى حتى أستيقظ , و نتيجة لعدم غلق النافذة جيداً تسلل بعض الهواء البارد للغرفة ليلفح الصور , فتطير أحداهم لتستقر على وجهى , أرفعها لكى أتمكن من النظر إليها , فلا أجدكِ بها , أنا فقط ! , أقوم بفرك عيناى المرة تلو الآخرى ثم أنظُر مجدداً للصورة , ولكن بتمعن شديد , أمسحُ بعيناى كل أجزاءها , ولكن أيضاً لا فائدة , أنا فقط !!
...
أذهبُ شارداً إلى المرحاض ثم أنتبه فجأة لأجدنى محدقاً لنفسى فى المرآة , أتساءل بشكلٍ لا واعى : هل أنا أحلُم ؟ , يظل صدى هذا التساؤل يتردد بقوة فى داخلى حتى عندما أفيق , يظل متردداً فى لا وعيى دائماً ولا يفارقنى , و لكن أحياناً عندما يتسلل إلى وعيى أشعر بانتشاء مبهم , إنتشاء من وجد نفسه أخيراً , فيلوح لى فى تلك اللحظات وجه ديكارت فى السماء , يطلُ بابتسامة غامضة ..
...
و السؤال الأهم دائماً : هل أنا أحلُم ؟
...
فى صبيحة أحد الأيام قررت إحراق كافة الصور التى تجمعنا , بالفعل أحرقتها فى شكلها الورقى , و لكنها ظلت بداخلى فى شكلها الأعمق , أعنى شكلها المعنوى , و العجيب إنه يبدو إنها كانت موجودة بداخلى دائماً ولكن بشكلٍ باهت , فيبدو إنها لم تكن بحاجة إلى أن تصبح واضحة بداخلى لأنها موجودة فى الخارج بشكلٍ واضح إلى أقصى حد , شكلها الرقمى الثابت الذى لا يطوله النسيان , المهم إننى عندما قمت بإحراقها مادياً _ أعنى الصور _ تكثفت فى وجهها المعنوى تلقائيا بداخلى , و لم تعد باهتة فى هذا الوجه بل مضيئة و زاهية , هل يعنى ذلك أن إحراق الصور قد يؤدى بنا إلى محاسرة الذكريات بداخلنا لكى لا تتمكن من الهرب أبداً ؟ , هل نبدو حينها كغطاء الحلة الذى لا يدع البخار ينطلق للهواء , بل و يجعله أيضاً يعود إلى شكله الأثقل : الماء ؟ , هل عملية الإحراق تلك بكل ما تتضمن من مخاطرة و تضحية قد توفر مناخاً داخلياً لتنمو الأشياء بداخلنا و تزدهر و تعود تقريباً إلى كثافتها الأصلية ؟
...
فى المساء أكتشفتُ إننى كنت أحمقاً , لأننى أيضاً سوف أصبح فى يومٍ ما مثل تلك الصور التى أحرقتها , مجرد رماد , فيبدو أن كل الطرق تؤدى فى النهاية إلى نقطة واحدة : العدم , و لكن هل عندما أصِل فى يومٍ ما إلى تلك النقطة سوف أتكثَف فى داخلِك ؟! , أم سأتشظى فى هواء النسيان و أضيعُ فيه , بعد أن أصبح باهتاً أكثر فأكثر و أصيرُ شفافاً فى النهاية , هل ستصبح صورتى بداخلك ممزقة إلى عشرات القطع التى لا تتجمع الا مرة كل سنين ؟
...
فى صبيحة اليوم التالى أستيقظت لأجِد الصور بجانبى , شعرتُ إنها كانت تنتظرنى حتى أستيقظ , و نتيجة لعدم غلق النافذة جيداً تسلل بعض الهواء البارد للغرفة ليلفح الصور , فتطير أحداهم لتستقر على وجهى , أرفعها لكى أتمكن من النظر إليها , فلا أجدكِ بها , أنا فقط ! , أقوم بفرك عيناى المرة تلو الآخرى ثم أنظُر مجدداً للصورة , ولكن بتمعن شديد , أمسحُ بعيناى كل أجزاءها , ولكن أيضاً لا فائدة , أنا فقط !!
...
أذهبُ شارداً إلى المرحاض ثم أنتبه فجأة لأجدنى محدقاً لنفسى فى المرآة , أتساءل بشكلٍ لا واعى : هل أنا أحلُم ؟ , يظل صدى هذا التساؤل يتردد بقوة فى داخلى حتى عندما أفيق , يظل متردداً فى لا وعيى دائماً ولا يفارقنى , و لكن أحياناً عندما يتسلل إلى وعيى أشعر بانتشاء مبهم , إنتشاء من وجد نفسه أخيراً , فيلوح لى فى تلك اللحظات وجه ديكارت فى السماء , يطلُ بابتسامة غامضة ..