Social Icons

اللحظة السحرية : لـ | وليد حمدي اسرائيل


كنت في الترم الثاني من المرحلة الاولى للثانوية العامة
أجلس وزملائي في حصة الدرس الخصوصي لمادة الرياضيات
حين دخل علينا المدرس
لمحنا خلفه ضوء فضي مبهر لا نرى مصدره
قال لنا ان زميلة جديدة ستنضم الينا وأشار الى الباب
فأطلت منه كـ... كـ... ( كـ ماذا .. لا وصف يليق ..هل يجدي وصف مذاق الشهد لشخص لم يطعمه قط..  يجب أن أضعها (هنا) كي تفهم )
لم تخلق بعد كلمة تجرؤ على وصفها
ان البشر اخترعوا اللغة لوصف الاشياء الموجودة حولهم وهي لم تكن موجودة وقتها
لو أنهم توقعوا ان مثلها سيسكن الارض لكان اجدر بهم ان ينتقوا كلمة مثل ساحرة أو فاتنة ويحجبوها عن الناس
يمنوعهم من تداولها حتى لا تبتذل أو تشوه إذا ما استخدمت لوصف شئ غيرها
يحجزوها خصيصا لها
توضع تلك الكلمة في القواميس والمعاجم دون شرح ودون ترجمة
فقط صورتها

تهادت الى أكثر المقاعد حظا في الغرفة وجلست فيه وكان قبالتي
ثم عرفها المدرس الينا والعكس
لم اقوي على رفع عيني عنها
كل ما فيها يشي انها لا تنتمي لهذا العالم
سلاله فريدة ومتفردة غير البشر
متلألأه وأنيقة كأنها قدت من العقيق والمرمر والالماس
شهية وطازجة كأنما خلقت للتو
ولها نظرة مدهشة ومندهشة كأنها تري الاشياء للمرة الاولى
ياااااالله
أين كنت يا مولاتي حينما نصبوا فينوس آلهة للجمال

بعد ثلاثة أيام لم تبرح فيهم خيالي لا صحوا ولا نوما أيقنت أني وقعت في الاسر
أحببتها لأنني لم أتمكن أبدا من وصفها
ولأنها
كانت الوحيدة القادرة على التواجد بمكانين في وقت واحد
أحدهما لا يعنيني
والاخر
.
قلبي

كنت أدس لها الحب كل يوم
في تحيات الصباح
والسؤال عن الاحوال  والمذاكرة
لكني لم اجرؤ على البوح الصريح

وذات بهجة

قابلتها صدفة عائدة من المدرسة فمنحتي ابتسامة مدهشة تختصر كل جمال الحياة
وقالت لي عيونها ..
(أعلم)
تناثر قلبي وصار يعدو في اوردتي كجيوش من النمل المذعور..
و . . و . .
لم أرد

في اليوم التالي دسست لها في الكتاب ورقة كتبت فيها:

   " أرى في وجهك المشرق جمال الدنيا ورقتها
                  وألمح في عينيك حياتي وعمري
                        وأعشق كل ما تفعلين

بمرور الايام يزداد تقاربنا وتشابهنا كاننا نمتزج
كنا نتشارك في كل تفاصيل الحياة
علمتها قراءة الروايات وركوب الدراجات ولعب الكرة
وعلمتني العزف على الكمان ومناجاة النجوم والحب.
عندما تغيب عني
قد لا أكون ميتا لكني أيضا لأ أظل حيا
يتركني بعدها معلقا في منطقة رمادية بين الوجود والعدم حتى تعود وتبعثني من جديد
وعندما تكون معي تنسدل على الكون ستارة حريرة تحجب عني كل شئ عداها وفي الخلفي
ة ترتسم مئات أقواس قزح ترفرف حولها
اسراب النورس والكناريا
و هي تشدو اناشيد
الجمال
والعشق
والبهجة

ذات اشتياق
أرسلت لها ورقة في المحاضرة مع صديقة أطلب اللقاء
وانتظرت في مكاننا المفضل
جاءت ولما اقتربت شرعت في البكاء
ركعت على ركبتي امامها وامسكت كفها قائلا بضراعة
لا تبكي يا صغيرتي
أقسمت عليك برب تلك العيون الساحرة ألا تحزني
كل الاشجار اليابسة في هذا العالم رجال نظرتي اليهم بحزن
فلا تحزني رفقا بالحياة وبـي
حزنك ينهكني
يمتص من روحي الحياة كقبلة مومياء فرعونية

قلت الجملة الاخيرة
ثم أسقطت نفسي عند قدميها متظاهرا بالموت
فضحكت
قمت واحتضنتها بيد والاخري تشير الى الافق ثم قلت
نعم اضحكي
الان ستصاب قوانين الطبيعة بالجنون
ستنبت الازهار في احضان الصخور والجبال
وستبكي الاسود ذعرا اذا ما لمحت غزالة برية
حتى توم وجيري سيعقدان معاهدة سلام ابدية
وستمطر السماء
فراشات ذهبية
وضحكات أطفال
وقلوب بيضاء
وقبعات ملونة
وحبات كرز من النوع الذي تفضلين

سألتها كيف تفعلين هذا
كيف تقلبين الكون رأسا على عقب
بين دمعة
وابتسامة
وكيف تكونين دوما
بهذه الروعة
وذاك البهاء
فاجابت بدلال فتان
حد القتل
لا أفعل
الا
ما يتحتم علي فعله
(أحبك)

قالتها وابتسمت
ويا ويلي عندما تبتسم
أذوب
وأنصهر
واتفتت
واتبعثر
وأتلاشي
ثم أولد من جديد

أيتها اللحظة السحرية التي أنظر اثناؤك الى عيني حبيبتي ..
اهناك ما يمنع ان تكوني العمر كله؟

تفهمين حقيقة الحياة : لـ | وليد حمدي اسرائيل

وكان انبهاري الأول بكِ أنني رأيتكِ لا تَنبهرين مِثلهُن !

كانت تمر عليكِ المُبهِرآت ، وانتِ لا تبالين ، لا تؤمنين أن هناكَ شيئاً يُسمى "فرصة فائته" ، لا أدري هل هو غرور أم ثِقة ، لكنه جَذَبني ، جذبني جداً ..

لا أدري هل لازال هناك مثلًِك ، تفهمين حقيقة الحياة ، تجمعين بين الواقعية والخيال ، وتعلمين أن الحياة ليست رِواية بل هي حرب ، ورغم هذا لا تنطفئ لمعةُ عينيكِ مهما حدث ، لعل هذا لأنك لا تُعطين أحداً حق الاقتراب من ممكلة مشاعرك ، فأصبحتِ حينما تبكين أو تضحكين ، لولؤتان تضيئآن بعينيك ، ابتسامتك كافية أن تعيد ترتيب فوضى القلوب ، مَن يراكِ ولا ينبهر يا ايتها المُبهرة التي لا تنبهر ..

لا أُنكر أن جمالَ ملامحك البريئة تسرق الأعين ببراعة ، لكنني لا أتحدث الآن عن سرقة الأعين ، وإنما أشكوا اليكِ سرقة قلبي ، جميلات الشكل كثيرات ، لكن أن تجد من تُرضي غرور عقلِك المُتَفلسِف ، من لا تتوقف حياتها على رَجُل مهما كان ، من لديها بيومها ألف شئ يُضعِف ورغم ذلك تَقوى هي به .. من لا تخشى أن تضعَف بجوارها لأنها تحملت مِن الحياة ما يكفي لتكون وَتَداً وسنداً لك !

كنتُ قديماً أُشفِقُ على نفسي من كثرة مشاغلي وصعوبة عَملي ، ولكنني عندما رأيتُك علمتُ أنني "مُدَّعِي" جداً ، كيف لكل هذه الرِقة أن تجتمع بهذا القدر من الصلابة ، وكيف لكِ أن لا تنبهرين ، كيف لكِ أن تَمُرين بي ولا تَكتَرِثين ، لا أظن أنكِ تُكابِرين ، أنتِ تستحقين ألا تلتفتي لشئ ويلتفتُ لكِ كلُ شئ ، فهل تقبلين أن أظل منبهراً وحدي هكذا ، أم تتفضلي على قلبي وتتركي لي ولو فرصةً واحدة لأريكي أنني قادرٌ على إبهارِك ..!

حقوق الطبع والنشر محفوظة ، لـ مجلة انا وذاتي