_ وكان كـل ما بينكفـأ على ذاته أكـتر كـل ما كانت فترات صمته بتبقى أطول
_ ونهاية ده كانت ايه ؟
_ نهايته هى انه بقى تقريبـا ساكت طول الوقت ، اغلب ردوده بقت اكلاشيـهـيـة جدا ومقتضبة ، بقى بيتعامل مع كـل الناس تقريبا بنـفـس الطريقة المتقـشـفة ، ده غير ان لما بقا اى حد بيكلمه بيلاحظ من شكله انه زى ما يكون كده سرحان فـ حاجة ، والحاجة دى مسيطرة عليه جامد ومخلياه منهمك جدا فى التفكير فيها ـ لـكن للاسف محدش كـان بيبقى عارف ايه هى الحاجة دى ..
_ ليه ؟ معقول محدش سأله عليها قبل كـده ؟!
_ لا طبعاً كان بيتسأل كتير ، لكـنه كـان بيرد دايما باجابات من نوعية ’’ مفيش ’’ ، ’’ ولا حاجة ’’ ـ ’’ انا تمام ’’
_ غريبة .. ده كـل صحابه القُدام كـانوا بيقولوا عليه دايما انه بيعرف يتكـلم كـويس ، وإنهم كـانوا بيحبوا دايما يسمعوه ، كـانوا بيقولوا عليه انه حد دماغه مليانة افكـار , وان الحلو فيه انه بيعرف يعبر كـويس عن الافكـار دى !
_ كـان بقا ..
_ اكـيد فى حل لمشكلته دى
_ تفتكـرى ؟
_ اه
_ ايه هى ؟
_ الحب
_ طول عمره كـان بيتجنبه ، مكـانش بيحب ابدا يكـون متقيد او ملتزم بحاجة تجاه اى حد ، كـان بيقول دايما انه اينعم قصص الحب بتكـون جميلة وممتعة فى بدايتها ، لكـنها بعد كـده بتبدأ تتحول واحدة واحدة لسجن ..
_ غريبة ... طب مكـانش مثلا بيحب يمارس نوع معين من الفن ؟
_ كـان ساعات بيكـتب ..
_ ودلوقتى ؟! ..
_ لا دلوقتى مبيكـتبش ، لان فترات صمته دى بتشمل الكـتابة للاسف
_ يا خسارة .. اكـيد كـان بيكـتب حلو .. بس عارفة ، قلبى بيقولى انه يوما ما فى القريب العاجل هيرجع تانى يتكـلم ويكـتب بحيوية اكـتر من الاول , لان بصراحة كـل اللى سمعته عنه تقريباً بيأكـدلى أنه حرام حد زيه يسكـت كده .. !
_ كـنت بقول زيك كـده فى الاول ، لـكن المرة دى فترة صمته طالت اوى ، لدرجة انى بقيت اشك فـ انه ممكـن يوما ما يرجع فعلا زى الاول
_ انتِ كـلامك ده بصراحة حسسنى انه بقى مجرد ظل باهت لشخص يوما ما كـانه .. والظل ده عمال يبهت اكـتر بمرور الايام .. لحد ما هييجى يوم ويكـون فيه الظل ده باهت لدرجة يكـاد يكـون فيها غير ملحوظ على الاطلاق ..
_ عن نفسى متمناش ابدا ان اليوم ده ييجى ، بالرغم من ان كـل حاجة بتقول انه جاى لا محالة ..
_ احكـيلى عنه اكتر ..
_ اكـتر من كده ؟
_ اه ..
_ اشمعنى يعنى ؟!
_ لانى قررت اساعده ، ومستحيل اقدر اساعده فعلاً بدون ما اكـون فاهماه كويس ..
_ طيب يا ستى ، عايزة تعرفى عنه ايه بظبط ؟
_ كـل اللى تعرفيه عنه .. عايزاكى تتكـلمى وتسطردى براحتك فى الكـلام .. خصوصاً فى الكـلام عن آراؤه وأفكـاره .. كـان بيشوف الموت ازاى مثلاً ، كـان نرجسى ولا لا ، كـان بيحب الموسيقى جامد ولا نص نص ، وهكـذا بقا ..
_ تفتكـرى انك اما تعرفى الحاجات دى عنه هتقدرى ساعتها تساعديه فعلا ؟
_ جايز .. و عـ العموم احنا مش خسرانين حاجة
_ طيب يا ستى ، مكـانش بيخاف من الموت ، لانه كـان شايف ان كـل واحد فينا بيتم الباسه البدلة الحمرا من اللحظة اللى بيتولد فيها ، بمعنى ان كـل واحد فينا محكوم عليه مسبقاً بالاعدام ..
_ كـملى ..
_ اما بقا فيما يتعلق بمسألة النرجسية دى ، فعمرى ما لاحظت عليه انه نرجسى ، بالعكـس ده كـان حتى بيكـره جدا الناس اللى عندها نرجسية عالية وبيتجنب يتعامل معاهم ، لكـنه كـان شايف انه لا بأس بقليل من النرجسية
_ ..
_ وبالنسبة للموسيقى فأه كان بيحبها جدا ، لكـنه كـان انتقائى جدا فى الحاجات اللى بيسمعها
_ متعرفيش كـان بيحب يسمع لمين تحديدا
_ أعرف .. فـ الكـلاسيك كـان بيعشق شوبان تحديدا ، واما بقى بالنسبة للاغانى العربى فكـان بيحب جدا عبد الحليم حافظ ، وكـذلك فيروز وماجدة الرومى ، بالاضافة لـ بعض الحاجات لام كلثوم
_ شكـله كـده كـان ذوقه حلو
_ اها جدا
_ كـملى ..
_ عايزانى اكـلمك عنه بخصوص ايه تانى
_ انطلقى براحتك فـ الكـلام زى ما قلتلك ، عايزاكـى تحكـي كـل اللى تعرفيه عنه تقريباً
_ طيب .. كـان بيحب ميلان كـونديرا جدا ، وكـان بيحب يوسف شاهين جدا برضو ، مكـانش بيزهق ابدا من الكـلام عن الاتنين دول
_ كـده انا فعلاً اتاكـدت ان ذوقه حلو
_ مش قلتلك
_ المهم كـملى ..
_ كـان له جملة كـده كـان بيقلهالى دايما كـل ما أقله بطل تسكـت مرة واحدة كـده
_ ايه هى ؟
_ ’’ اكـثر الشموع توهجاً ، أول الشموع انطفائاً ’’
_ واضح انه كـان عارف انه يوما ما هينطفى
_ ده حقيقى
_ ..
_ وكـان عنده هوس بأن تراكـيب الجمل بتاعته تكـون سليمة على أد ما يقدر ، بحيث ان اللى بيقرا كـلامه او بيسمعه ميحسش ابدا ان فى شىء شاذ فى الكـلام
_ اها
_ وكـان بيحب جدا اما يكـون فـ مناسبة او اما يكـون فـ أى مكـان زحمة عامةً انه يقعد يراقب تفاصيل الناس من غير ما يحسوا
_ يراقب الناس ؟!
_ اها ، كان بيستمتع جدا بالتلصص ده ، لدرجة انه كـان ممكـن يضيع ساعات فى إنه يفضل يعمل بعينيه زووم على ايماءات وتعبيرات وشوش الناس وهما بيتكـلموا ، واما كـنت بسأله عن سبب ميله ده كـان بيقولى انه اكـتشف ان الكـثير من الجمال بيكمـن فى التفاصيل الصغيرة دى
_ اللى يشوف جمال فى التفاصيل دى اكـيد حد مهووس بالبحث عن الجمال
_ هو كـان كـده فعلاً .. وبالمناسبة مرة كـتب حاجة كـده كان بيقول فيها ان ’’ الجمال : ملاذ كـل من أعياه البحث عن الحقيقة ’’ ، ومش عارفة ليه الجملة دى علقت معايا اوى ساعتها لدرجة انى لسه فاكـراها
_ المهم متكلـمش تانى عن الجمال ؟
_ اتكـلم كـتير
_ طب قوليلى كـل اللى انتِ فاكـراه
_ الصراحة مش فاكـرة اغلب الكـلام وحتى الكـلام اللى فاكـراه مش فاكـراه على وجه التحديد ، يعنى فاكـراه بالشبه كـده ، زى مثلا انه كـان شايف ان رؤية القبح بتكـون دايماً مقترنة بالقرب ، وان حتى فى أكثر الأعمال الفنية جمالاً وأكـتمالاً بيكون موجود شىء من القبح ..
_ و .. ؟
_ وكـان بيضرب مثال على النقطة دى بإن الواحد لو قرب جامد أوى من تمثال يكـاد يقارب الكـمال فى دقة صنعه ، هيكـتشف الكـثير من التشوهات
_ اهاا ، ده حقيقى فعلاً
_ وعشان كـده كـان بيقولى دايماً إن كـل حاجة جميلة جميلة عند النظر إليها من مسافة ما
_ واضح إنه كـان فيلسوف كـمان
_ مش للدرجة دى , وعامةً هو مكـانش بيشوف نفسه كـده أبداً
_ أمال كـان بيشوف نفسه ازاى
_ كـان بيشوف نفسه مجرد مفكر لعبى ، تجريبى ، وعشان كـده كـان بيتضايق جدا اما بيلاقى ناس كـتير بتاخد الحاجات اللى بيكـتبها بشكـل حرفى وبتبتدى تناقشه فيها بانفعال
_ بمعنى ؟
_ بمعنى انه كـان شايف نفسه ’’ بيغنى ’’ مش ’’ بيلقى خطب ’’
_ اهاا
_ ..
_ طيب بينى وبينك بقا ، كـان بيحب البنات ؟
_ مش كـلهم ، الاذكـياء منهم بس ، والاذكـياء هنا بمعنى البنات اللى بتكون شخصياتهم ناضجة فعلاً ، مش اللى بتكـون عقولهم مثقفة أكـتر
_ وبالنسبة للبنات الحلوة ؟!
_ كـان بينجذب ليهم طبعاً ، لكن بعينيه بس ، وعمره ما كـان بياخد خطوة جدية فى علاقة ما بناءً على عينيه بس ..
_ بيفهم والله
_ يمكـن ..
_ وياترى بقا كـان له أصحاب مقربين كـتير ؟
_ لا خالص ، المقربين منه فعلا كـانوا محدودين للغاية ، لكـنه كـان بيحبهم فعلاً ، ومكـانش بيحس ابداً انه فـ حاجة لزيادة عددهم
_ عارفة ، كـلامنا عنه ده حمسنى جدا لـ إنى أتعرف عليه ، يا ريته يرجع يوما ما زى الاول ، ساعتها هسعى جدياً انى اتعرف عليه فى اول فرصة ممكـنة
_ اقلك على سر .. ؟
_ قولى
_ امبارح قالى انه حاسس ان فترة صمته المرة دى هتستمر لمدة كـبيرة اوى ، واما سألته ليه قالى انه كـل مرة كـان بيعرف ينقذ نفسه من الغرق اول ما بيبتدى يحس انه بقى قريب من حدود معينة ، لكـنه المرة دى اكـتشف انه خلاص عدى الحدود دى من بدرى وبقى في مسافة كـبيرة اوى ما بينه وبينها ، وان ايديه خلاص بقت اضعف بكـتير من انها تقدر تتشبث بحاجة ، وبالتالى واضح انه هيفضل يغرق كـده لحد ما يوصل لمسافة كـبيرة اوى تحت الحدود دى ، لحد ما رجليه هتكـون خلاص على وشك انها تلمس القاع ، وحتى لو يوما ما نجح فى الصعود فاكـيد صعوده ده هيحتاج من الزمن أضعاف اللى أستلزمه عشان يوصل للنقطة دى اللى وصلها ..
_ تفتكـرى بعد الكلـمتين اللى قالهوملك دول انه يوما ما هيقدر فعلاً يخرج برا اللى وصله ده ؟!
_ عايزة الصراحة ؟
_ اكـيد
_ مفتكـرش .. لان فترات صمته دى اكـيد بتخلق جواه فجوات .. والفجوات دى طبيعى انها تكـون بتتسع بمرور الزمن .. وبما ان فترات صمته دى عمالة تزيد من حيث الطول والعمق .. اذن مساحة وعمق الفجوات اللى جواه عمالين يزيدوا هما كـمان ..
_ وده معناه ايه ؟!
_ معناه انه اكـيد هييجى عليه يوم وهيصبح فيه _ بفعل الفجوات دى _غريب حتى عن نفسه , وساعتها بس هيكـون الأمل فى إنه يرجع تانى زى الأول معدوم تماماً ..
_ ...
_ ونهاية ده كانت ايه ؟
_ نهايته هى انه بقى تقريبـا ساكت طول الوقت ، اغلب ردوده بقت اكلاشيـهـيـة جدا ومقتضبة ، بقى بيتعامل مع كـل الناس تقريبا بنـفـس الطريقة المتقـشـفة ، ده غير ان لما بقا اى حد بيكلمه بيلاحظ من شكله انه زى ما يكون كده سرحان فـ حاجة ، والحاجة دى مسيطرة عليه جامد ومخلياه منهمك جدا فى التفكير فيها ـ لـكن للاسف محدش كـان بيبقى عارف ايه هى الحاجة دى ..
_ ليه ؟ معقول محدش سأله عليها قبل كـده ؟!
_ لا طبعاً كان بيتسأل كتير ، لكـنه كـان بيرد دايما باجابات من نوعية ’’ مفيش ’’ ، ’’ ولا حاجة ’’ ـ ’’ انا تمام ’’
_ غريبة .. ده كـل صحابه القُدام كـانوا بيقولوا عليه دايما انه بيعرف يتكـلم كـويس ، وإنهم كـانوا بيحبوا دايما يسمعوه ، كـانوا بيقولوا عليه انه حد دماغه مليانة افكـار , وان الحلو فيه انه بيعرف يعبر كـويس عن الافكـار دى !
_ كـان بقا ..
_ اكـيد فى حل لمشكلته دى
_ تفتكـرى ؟
_ اه
_ ايه هى ؟
_ الحب
_ طول عمره كـان بيتجنبه ، مكـانش بيحب ابدا يكـون متقيد او ملتزم بحاجة تجاه اى حد ، كـان بيقول دايما انه اينعم قصص الحب بتكـون جميلة وممتعة فى بدايتها ، لكـنها بعد كـده بتبدأ تتحول واحدة واحدة لسجن ..
_ غريبة ... طب مكـانش مثلا بيحب يمارس نوع معين من الفن ؟
_ كـان ساعات بيكـتب ..
_ ودلوقتى ؟! ..
_ لا دلوقتى مبيكـتبش ، لان فترات صمته دى بتشمل الكـتابة للاسف
_ يا خسارة .. اكـيد كـان بيكـتب حلو .. بس عارفة ، قلبى بيقولى انه يوما ما فى القريب العاجل هيرجع تانى يتكـلم ويكـتب بحيوية اكـتر من الاول , لان بصراحة كـل اللى سمعته عنه تقريباً بيأكـدلى أنه حرام حد زيه يسكـت كده .. !
_ كـنت بقول زيك كـده فى الاول ، لـكن المرة دى فترة صمته طالت اوى ، لدرجة انى بقيت اشك فـ انه ممكـن يوما ما يرجع فعلا زى الاول
_ انتِ كـلامك ده بصراحة حسسنى انه بقى مجرد ظل باهت لشخص يوما ما كـانه .. والظل ده عمال يبهت اكـتر بمرور الايام .. لحد ما هييجى يوم ويكـون فيه الظل ده باهت لدرجة يكـاد يكـون فيها غير ملحوظ على الاطلاق ..
_ عن نفسى متمناش ابدا ان اليوم ده ييجى ، بالرغم من ان كـل حاجة بتقول انه جاى لا محالة ..
_ احكـيلى عنه اكتر ..
_ اكـتر من كده ؟
_ اه ..
_ اشمعنى يعنى ؟!
_ لانى قررت اساعده ، ومستحيل اقدر اساعده فعلاً بدون ما اكـون فاهماه كويس ..
_ طيب يا ستى ، عايزة تعرفى عنه ايه بظبط ؟
_ كـل اللى تعرفيه عنه .. عايزاكى تتكـلمى وتسطردى براحتك فى الكـلام .. خصوصاً فى الكـلام عن آراؤه وأفكـاره .. كـان بيشوف الموت ازاى مثلاً ، كـان نرجسى ولا لا ، كـان بيحب الموسيقى جامد ولا نص نص ، وهكـذا بقا ..
_ تفتكـرى انك اما تعرفى الحاجات دى عنه هتقدرى ساعتها تساعديه فعلا ؟
_ جايز .. و عـ العموم احنا مش خسرانين حاجة
_ طيب يا ستى ، مكـانش بيخاف من الموت ، لانه كـان شايف ان كـل واحد فينا بيتم الباسه البدلة الحمرا من اللحظة اللى بيتولد فيها ، بمعنى ان كـل واحد فينا محكوم عليه مسبقاً بالاعدام ..
_ كـملى ..
_ اما بقا فيما يتعلق بمسألة النرجسية دى ، فعمرى ما لاحظت عليه انه نرجسى ، بالعكـس ده كـان حتى بيكـره جدا الناس اللى عندها نرجسية عالية وبيتجنب يتعامل معاهم ، لكـنه كـان شايف انه لا بأس بقليل من النرجسية
_ ..
_ وبالنسبة للموسيقى فأه كان بيحبها جدا ، لكـنه كـان انتقائى جدا فى الحاجات اللى بيسمعها
_ متعرفيش كـان بيحب يسمع لمين تحديدا
_ أعرف .. فـ الكـلاسيك كـان بيعشق شوبان تحديدا ، واما بقى بالنسبة للاغانى العربى فكـان بيحب جدا عبد الحليم حافظ ، وكـذلك فيروز وماجدة الرومى ، بالاضافة لـ بعض الحاجات لام كلثوم
_ شكـله كـده كـان ذوقه حلو
_ اها جدا
_ كـملى ..
_ عايزانى اكـلمك عنه بخصوص ايه تانى
_ انطلقى براحتك فـ الكـلام زى ما قلتلك ، عايزاكـى تحكـي كـل اللى تعرفيه عنه تقريباً
_ طيب .. كـان بيحب ميلان كـونديرا جدا ، وكـان بيحب يوسف شاهين جدا برضو ، مكـانش بيزهق ابدا من الكـلام عن الاتنين دول
_ كـده انا فعلاً اتاكـدت ان ذوقه حلو
_ مش قلتلك
_ المهم كـملى ..
_ كـان له جملة كـده كـان بيقلهالى دايما كـل ما أقله بطل تسكـت مرة واحدة كـده
_ ايه هى ؟
_ ’’ اكـثر الشموع توهجاً ، أول الشموع انطفائاً ’’
_ واضح انه كـان عارف انه يوما ما هينطفى
_ ده حقيقى
_ ..
_ وكـان عنده هوس بأن تراكـيب الجمل بتاعته تكـون سليمة على أد ما يقدر ، بحيث ان اللى بيقرا كـلامه او بيسمعه ميحسش ابدا ان فى شىء شاذ فى الكـلام
_ اها
_ وكـان بيحب جدا اما يكـون فـ مناسبة او اما يكـون فـ أى مكـان زحمة عامةً انه يقعد يراقب تفاصيل الناس من غير ما يحسوا
_ يراقب الناس ؟!
_ اها ، كان بيستمتع جدا بالتلصص ده ، لدرجة انه كـان ممكـن يضيع ساعات فى إنه يفضل يعمل بعينيه زووم على ايماءات وتعبيرات وشوش الناس وهما بيتكـلموا ، واما كـنت بسأله عن سبب ميله ده كـان بيقولى انه اكـتشف ان الكـثير من الجمال بيكمـن فى التفاصيل الصغيرة دى
_ اللى يشوف جمال فى التفاصيل دى اكـيد حد مهووس بالبحث عن الجمال
_ هو كـان كـده فعلاً .. وبالمناسبة مرة كـتب حاجة كـده كان بيقول فيها ان ’’ الجمال : ملاذ كـل من أعياه البحث عن الحقيقة ’’ ، ومش عارفة ليه الجملة دى علقت معايا اوى ساعتها لدرجة انى لسه فاكـراها
_ المهم متكلـمش تانى عن الجمال ؟
_ اتكـلم كـتير
_ طب قوليلى كـل اللى انتِ فاكـراه
_ الصراحة مش فاكـرة اغلب الكـلام وحتى الكـلام اللى فاكـراه مش فاكـراه على وجه التحديد ، يعنى فاكـراه بالشبه كـده ، زى مثلا انه كـان شايف ان رؤية القبح بتكـون دايماً مقترنة بالقرب ، وان حتى فى أكثر الأعمال الفنية جمالاً وأكـتمالاً بيكون موجود شىء من القبح ..
_ و .. ؟
_ وكـان بيضرب مثال على النقطة دى بإن الواحد لو قرب جامد أوى من تمثال يكـاد يقارب الكـمال فى دقة صنعه ، هيكـتشف الكـثير من التشوهات
_ اهاا ، ده حقيقى فعلاً
_ وعشان كـده كـان بيقولى دايماً إن كـل حاجة جميلة جميلة عند النظر إليها من مسافة ما
_ واضح إنه كـان فيلسوف كـمان
_ مش للدرجة دى , وعامةً هو مكـانش بيشوف نفسه كـده أبداً
_ أمال كـان بيشوف نفسه ازاى
_ كـان بيشوف نفسه مجرد مفكر لعبى ، تجريبى ، وعشان كـده كـان بيتضايق جدا اما بيلاقى ناس كـتير بتاخد الحاجات اللى بيكـتبها بشكـل حرفى وبتبتدى تناقشه فيها بانفعال
_ بمعنى ؟
_ بمعنى انه كـان شايف نفسه ’’ بيغنى ’’ مش ’’ بيلقى خطب ’’
_ اهاا
_ ..
_ طيب بينى وبينك بقا ، كـان بيحب البنات ؟
_ مش كـلهم ، الاذكـياء منهم بس ، والاذكـياء هنا بمعنى البنات اللى بتكون شخصياتهم ناضجة فعلاً ، مش اللى بتكـون عقولهم مثقفة أكـتر
_ وبالنسبة للبنات الحلوة ؟!
_ كـان بينجذب ليهم طبعاً ، لكن بعينيه بس ، وعمره ما كـان بياخد خطوة جدية فى علاقة ما بناءً على عينيه بس ..
_ بيفهم والله
_ يمكـن ..
_ وياترى بقا كـان له أصحاب مقربين كـتير ؟
_ لا خالص ، المقربين منه فعلا كـانوا محدودين للغاية ، لكـنه كـان بيحبهم فعلاً ، ومكـانش بيحس ابداً انه فـ حاجة لزيادة عددهم
_ عارفة ، كـلامنا عنه ده حمسنى جدا لـ إنى أتعرف عليه ، يا ريته يرجع يوما ما زى الاول ، ساعتها هسعى جدياً انى اتعرف عليه فى اول فرصة ممكـنة
_ اقلك على سر .. ؟
_ قولى
_ امبارح قالى انه حاسس ان فترة صمته المرة دى هتستمر لمدة كـبيرة اوى ، واما سألته ليه قالى انه كـل مرة كـان بيعرف ينقذ نفسه من الغرق اول ما بيبتدى يحس انه بقى قريب من حدود معينة ، لكـنه المرة دى اكـتشف انه خلاص عدى الحدود دى من بدرى وبقى في مسافة كـبيرة اوى ما بينه وبينها ، وان ايديه خلاص بقت اضعف بكـتير من انها تقدر تتشبث بحاجة ، وبالتالى واضح انه هيفضل يغرق كـده لحد ما يوصل لمسافة كـبيرة اوى تحت الحدود دى ، لحد ما رجليه هتكـون خلاص على وشك انها تلمس القاع ، وحتى لو يوما ما نجح فى الصعود فاكـيد صعوده ده هيحتاج من الزمن أضعاف اللى أستلزمه عشان يوصل للنقطة دى اللى وصلها ..
_ تفتكـرى بعد الكلـمتين اللى قالهوملك دول انه يوما ما هيقدر فعلاً يخرج برا اللى وصله ده ؟!
_ عايزة الصراحة ؟
_ اكـيد
_ مفتكـرش .. لان فترات صمته دى اكـيد بتخلق جواه فجوات .. والفجوات دى طبيعى انها تكـون بتتسع بمرور الزمن .. وبما ان فترات صمته دى عمالة تزيد من حيث الطول والعمق .. اذن مساحة وعمق الفجوات اللى جواه عمالين يزيدوا هما كـمان ..
_ وده معناه ايه ؟!
_ معناه انه اكـيد هييجى عليه يوم وهيصبح فيه _ بفعل الفجوات دى _غريب حتى عن نفسه , وساعتها بس هيكـون الأمل فى إنه يرجع تانى زى الأول معدوم تماماً ..
_ ...