في منتصف الليل أضاءت رسالتكِ
- مُستيقظ ؟
دائماً أتعجب من توقيت رسائلكِ المتأخرة هذه ، مرت بعض الليالي دون أن تكتبي شيئاً ، وعندما قررتي الكتابة جئتي الي بعد أن فرغ يومكِ من كُل ما هو مهم لأكون أنا في مؤخرة قائمة الإهتمامات !
هل تقرأين ما أكتب إليكِ ؟ هل تعلمين متى أعلن عليكِ النسيان فتعودين كالجندي الغاضب الذي ذهب ليستعيد أرضاً مسلوبةً منه .. هل أُجيب ؟ أم أمضي في قراري وأتجاهلكِ .. ؟
في الأصل .. أيكون النسيان قراراً ؟
لطالما تعاهدنا أنا وأنتِ أن ننسى ، سنون مضت ولازلنا في نقطة البداية ، ربما أقدمنا على خطوةٍ أو اثنتين ونعود من بعدها لنتفقد آثار انطلاقتنا الأولى ، كان كلٌ منا يدفع الآخر للجنون ، أمواجنا عاتية ، صراعاتنا وخلافاتنا تفوق اللحظات الهادئة اللطيفة على مدار اليوم ، لكن بطريقة ما هذه الدقائق من السعادة هي كل مانتذكر ، هي كل الذي يتبقى وكل الذي نحنُّ إليه .. في السابق كنتُ أحبكِ بصدق ، أما الآن أعتقد أنني لم أعُد أُحبكِ أو على الأقل لم يعُد الأمرُ هستيرياً كما في السابق ، كنتُ أتحملُ ثقلكِ حتىٰ في أسوء حالاتكِ ، كنتُ أحبكِ ، عندما كنتِ تشعرين بأن الهموم أثقلتكِ والحياة أتعبتكِ كنتُ أحبكِ في مزاجكِ الجيد والسيء ، أتعرفين كنتُ أحبكِ حتى عندما كنتِ لا تطيقين الحديث مع أحد ، كنت لكِ متى إحتجتِ الى العون ، لم أكُن أقتربُ منكِ الى حد زيادة العبء عليكِ ، ولم أكُن بعيداً الى حد نسيانكِ تماماً ، كنت دائماً أقفُ بالجوار على أملِ أن يرتاحَ فؤادكِ ويرتشفُ مزاجكِ جرعة وفسحة من الطمأنينة عسىٰ أن تتذكريني برسالةٍ ما ، أنكِ لم تعرفي يوماً كيف كُنتُ أستقبل رسائلكِ وبأي سعادة كنتُ أقرأها ، كانت رسائلكِ هي جسري الوحيد الذي يربطني مع هذا العالم ... أظن أنكِ تحبين دوستويفسكي مثلي .. أقرأي له لعلكِ تصلين الى ذلك السطر الذي كتبَ فيه " إن الشخص الذي إنتزعتهُ من قلبي ولعلني إذ فعلتُ ذلك آلمتُ قلبي وأدميته ، لن يعود إلى قلبي أبداً " .. هذا الذي حدث .. نعم أنا مستيقظ ولكنني لا أرغب في الرد عليكِ لأن إرتباككِ وعدم صدق مشاعركِ تجاهي ومزاجك الذي كان يتعكر دوماً ويسبب إختفائكِ عني ، كل هذه المجريات كانت تُترجم عندي بمفردة واحدة " إرحل ، أنا لا أريدك ولن أُقاتل أبداً لأجل الإحتفاظ بك ، وسأنسحب من هذه المعركة وأتركك وحيداً عندما أريد ذلك ولن أهتم بكَ حتى ولو كنت على شفى حفرةٍ من الموت " .. وأنتِ تعرفين أن طلباتكِ أوامر يا " أميرتي " .. غريب ! نحن نعلم أن الأميرات عندما يتم عزلهن عن العرش يتساويين مع بقية طبقات الشعب .. وهذا يوضح كيف أن لقلبي الذي إعتبركِ يوماً كُل شيء ها هو اليوم يشاهدكِ تقفين بين الزحام ولا تعتريه رجفةً عندما يلمحكِ ، لأنكِ أصبحتي بالنسبةِ له كالبقية .. وربما تشبهين مليون نسخةٍ أخرى من إناث هذا العالم !
- " قلبي الذي يرسل إليكِ لا أقوى على منعه " هذه حجتكِ في كل مرة ، حجة بريئة أحبها وأصدقها وأصدقكِ ، فلطالما منعتُ نفسي من أن أكتب إليكِ ، أو أن استنفذ الحجة القديمة في الاطمئنان على حالكِ ، وأهجرُ الأغاني والكتب حتى لا تجُر عليّ ذكراكِ .. أراوغ القلم بالكلمات و أُفرغ هذه الضوضاء من رأسي للورق .. وحين أفشل يحتال عليَّ عقلي ويصورك في هيئة هذه المرأة القاسية التي تمتلكُ قلباً بغيض يحب الهجر والنسيان لأنفي فكرة لقائكِ .
والغريب ! ، أنه لم يعد أياً منا يسأل ما خطبنا ؟ لِمَ آل بنا الحال إلى هذا ؟ و كيف أننا من حينٍ لآخر يهبُ أحدنا الآخر أجمل دقائق في عمره في حديثٍ قد يطول أو يقصر ، تهديني شِعراً وأهديكِ أغنية ومن ثم نتفق ألا نلتقي ، ونغيب مجدداً ، وتعودين مجدداً ..
تعلمين أن التكنولوجيا قد تطورت كثيراً في السنوات الماضية وأن هذا التطبيق الذي أُحدِّثك منه يضع علامةً صغيرةً حينما تقرئين ما أُرسل ، وقد مضت نصف ساعة على ذلك فأجيبي ، أتذكر أن أول ما أوقعني بكِ كانت خفة ظلكِ ِهذه ، تُرى ما حجتكِ هذه المرة ؟
أغفر لكِ أن تهشمي عظامي لكن لن أغفر لكِ بعد الآن أن تتجاهلي حبي لكِ ، كنتُ سأُقاتل لكي لا أخسر الأشياء التي أحبها ، كنت سأموت في سبيل حمايتكِ لو أنكِ فقط بقيتي تُحبيني و لم تستسلمي ، كنت دائماً أعتبركِ أولويةً في حياتي بينما كنتُ لكِ مجرد إحتياط ، من البائس أن نكون هامشاً في حياة أحدهم ، حتى وإن كان من نُحب .. اليس كذلك ؟