Social Icons

رجل المنزل المجاور : لـ | وليد حمدي اسرائيل

من المخيف أيضاً أن تملك مشاعر عملاقة كهذه ولا يمكنك تسريب ولو كلمة واحدة نحو الإتجاه المطلوب .

إن المخلوق البشري بطبعه ومهما كان كتوماً وأكثر غموضاً يبقى ضعيفاً أمام التوقف عن التعبير والتفسير والفلسفة ، لذلك ، ومن وجهة نظري الشخصية ، أرى أن الكتاب الناجحين هم من أبناء جلدة الصمت والغموض ، ولو سمحتم لي بالتعمق في وجهة نظري أكثر فإني سأقول أنهم ليسوا الكتومين وحسب ، بل وغير القادرين على الوصول الى الأشخاص الحقيقين والسريين اللذين يكتبون إليهم نصوصهم ، ويمكن وصف هذه العلاقة على أنها طردية ، أي كلما صَعُب عليك الإتصال بشخصك السري تزداد قوتك في التعبير والدهشة ظناً منك أن الخناق الذي يضربه عليك حصار البُعد يمكن كسره بالفلسفة العميقة ...

وفي النهاية ، لا تُطبَّق هذه العلاقة على الكُتاب فقط وإنما على الجميع ؛ فعندما تجرأت أمامكم و وقلت ( من المخيف أن تملك مشاعر عملاقة كهذه ) فكان المقصود الفعلي من النظرية هو الآثار المستقبلية الناجمة عن أي كتوم بشري تعذر عليه الوصول إلى معرفه ، لأنه سيجد نفسه في نهاية المطاف منهمراّ كشلال تفجَّر نتيجة ضغط زائد في باطنه ، لذا ، سيندفع فجأة ومن دون توقعه لذلك الى التكلم الى أي إنسان بغض النظر أكان جديراً بالثقة أم لا وإلى أي شيء ولو كان جماد ... سيصبح فيلسوفاً ، بل سيتكلم أكثر من أستاذ صف ، سيتكلم أكثر من اللازم ، لأن الكلمة ، وأقول الكلمة بالتحديد ، ليست مالاً بمقدورنا ادخارها حتى زمن طويل وانفاقها حسب المزاج ... بل سيتم صرفها أول بأول .

على أية حال ، إلى متى سأبقى هكذا أحادثك دون أن أراك أو أسمع صوتك !؟ وإلى متى سيستمر هذا التواصل بيننا النابع من العدم !!؟

/ رجل المنزل المجاور /

حقوق الطبع والنشر محفوظة ، لـ مجلة انا وذاتي