لا أجد وصفاً يختصر مدى الراحة والسعادة بعدما حطمت تلفازي العزيز بعصا بيسبول وانقضضت عليه كمكبس نفايات حتى حولته إلى قطع صغيرة في أرجاء الغرفة، ولكم كامل الحق بالتساؤل والاستفسار عن السبب وكيف لإنسان أن يستشعر الراحة والسعادة بعمل إجرامي كهذا إلا إذا كان مجنون أو يعاني من إضطرابات نفسية!! لقد قضيت ساعات محاولاً إصلاح التلفاز من أجل مشاهدة فلم منتصف الليل الذي ترقبت موعده أسبوع كامل، حملته عصر الأمس إلى طوارئ الأجهزة الإلكترونية لكنه عاد فيما بعد ليمارس أعطاله الرذيلة معي، جربت إنعاشه بنفسي، إلا أنني كلما أصلحت الصوت تخرب الصورة، وكلما عدلت الصورة يهرب البث، وهكذا دواليك..
لا زلت أذكر مدى الجهد الذي بذلته خلال هذه الليلة في سبيل إعادته إلى العمل رغم أن موعد الفلم قد مضى وأيضاً إنتهى!! إلا أن الحب -حبي له- أرغمني على التمسك به تمسكا عظيماً... وقد بدا إصراري واضحاً على جعله جهازاً جيداً معي يحترم ما دفعته من مال من أجله وأحترم بدوري ما يقدمه من أجلي، اﻷمر الذي دفعني لأن أنزف صبري شيئاً فشيئاً حتى انقضضت عليه انقضاض مصارع...
*****
بعد مرور ساعة وحسب على القصة، وبينما أعيش الراحة والسعادة التي غمرتني عقبما فرغت من الجرم الشنيع بحق التلفاز واستليقت على السرير متنفسا بعمق لأنني تخلصت -إلى اﻷبد- من شيء أتعبني كل التعب، أفكر الآن، ماذا لو فعلت الأمر عينه مع العلاقات التي أنهكتني وأنا أحاول إصلاحها من جانب فتفسد من الجانب الآخر؟! ماذا لو انقضضت عليها بنفسي، بذاتي أنا، بيدي هاتين، وبدأت أحطمها تحطيما ولا أتركها ورائي إلا وهي جثث هامدة، إلى أن أتأكد تماماً بأنه لم يعد أبداً هناك أي أمل لإصلاحها؟! إلى أن أتأكد بأنني لن ألتقي بأولئك الأشخاص الذين أتعبوني... مرة أخرى!!