Social Icons

الاكتفاء : لـ | وليد حمدي اسرائيل

الاكتفاء بالنظر الى الذات فقط و كأنها توجد فى الفراغ يؤدى الى تجاهل الظروف الموضوعية التى توجد فيها و التى لا تكون الا بها , مما يؤدى الى ذاتية متطرفة و التى هى مثالية بالضرورة , وهذا بدوره يؤدى الى الانعزال شيئا فشيئا عن المجتمع والى الوصول الى حالة من الارستقراطية الفكرية التى تولى جل اهتمامها بالتأمل النظرى و بالتجريد , فينتج عن ذلك ظهور نزعة من التعالى , حيث تصبح النظرة الى مشكلات الحياة الواقعية اليومية نظرة دونية , و بالتالى يظهر ميل قوى الى عدم الانخراط فى الدفاع عن الظلم الذى يتعرض له العامة _ أو السواد الأعظم _ من البشر , و ربما الى عدم الاهتمام بنشر المعرفة _ التى هى مصدر ترفعهم و تعاليهم _ بين سائر البشر , حيث يكون الوعى او التفكير النقدى حكراً لهم ومصدر شعورهم بالتميز و بالتعالى الارستقراطى , فبالتالى لا يعقل أن يسعوا الى نشر ذلك , مثلما انك لن تجد فى الغالب شخص ثرى يقوم بتوزيع أمواله على بقية البشر , و بالتالى الى اقتسام مصدر قوته وسلطته و تميزه مع الناس , بل ربما يؤدى هذا الشعور بالتعالى الى الاعتقاد بأنهم مختلفون ’ كيفياً ’ أو طبيعياً عن بقية البشر , أى الى شىء أشبه بجنون العظمة
..
اما الاكتفاء بالنظر الى الظروف الموضوعية فقط فأنه يؤدى بالتدريج الى استبعاد الذات و الى تهميش فعاليتها , وبالتالى الى نظرة حتمية للأمور , حيث تكون أفعالنا فى تلك النظرة عبارة عن نتائج بالضرورة للظروف التى نوجد بها , و حيث يصبح الانسان مجرد نقطة ناتجة عن تلاقى العديد من العوامل الاجتماعية , مما يؤدى الى النظر الى الفردية على انها ضرب من الانانية , او حتى انها شىء لا وجود له , و مما يؤدى أيضا الى ظهور نزعة تعظم دائما من الاهداف الجماعية على حساب الابداعات الفردية , و لذلك شاع دائماً فى أغلب الاحزاب الشيوعية طرد الفنانين من اعضاءها بتهمة ’ ظهور ميول فردية ’ عندهم ! , حيث ’ يجب ’ عليك دائماً أن تسلك مسلك الحزب و أن تطوع له ابداعك , فيصبح الفن مجرد وسيلة من ضمن الوسائل التى نحارب بها أعدائنا الطبقيين , أى أنه يصبح فقط ’’ وسيلة لـ ’’ , مجرد جزء من خطة ما ’’هو بالضرورة خاضع لها ’’ , و إذا لم يكن له وجود فى تلك الخطة فإنه يصبح مجرد شىء ترفيهى وزائد عن الحاجة , وربما يكون من الأنفع عدم الانخراط فى ممارسته أو الاهتمام به لذاته لان هذا سيعيق تركيزنا فى تحقيق الخطة المنشودة !

حقوق الطبع والنشر محفوظة ، لـ مجلة انا وذاتي