Social Icons

الى تلكَ التي أكرهها : لـ | وليد حمدي اسرائيل

قبل قليل وجدتُ دفتر مذكراتي ، أتذكر أنني أضعته قبل عدة سنين ، تصفحت الماضي ، كل ما كتبته فيه ، شريطٌ من الذكريات بعضها مبهج والآخر بائس جدًا ، قرأتُ هذه الرسالة التي كتبتها قبل أربعة سنين ، أتذكر يومها أنني كنتُ مريضًا وجسدي يرتعش لكنني كتبتُ هذه الكلمات .. يبدو أنها كانت رسالة وداع !

،

" أيتها السمراء ، يا حبيبتي الصغيرة ، أعلمُ أنكِ رحلتِ دون وداعٍ حتى ، لم أكُن أظن أن النهاية ستكونُ هكذا ! ، لقد تجاوزتي كُل شيءٍ بيننا ببرودٍ كبير ، كجندي يتجاوز جُثث زملائه بعد إنتهاء الحرب ، نعم .. هي حربٌ ضروس كانت مشتعلة بيننا ، ربما أنتِ من إنسحبتِ أولاً لكنني أنا من تحمل القدر الأكبر من الخسارة ، ها قد إنتهت الحرب لنسترح الآن بعدما قاتلت كثيرًا لأجلكِ إنتهى كل شيء ، خسرت الحرب ، كانت حربًا متعبة ، لقد خَسرتكِ ، لكن ربما الأمر ليس بذلك السوء ففي النهاية ربحتُ نفسي ، منذُ البداية عرفتُ أن هذا الأمر سيفسد تمامًا ، لأنه كان جميلًا  أكثر مما ينبغي ، حسنًا .. إذهبي اليه سيعطيكِ المال والجاه ، وسيجعلُ منكِ سيدة تغارُ منها بقية النِساء وسيحسدنها على ما ظفرت بهِ ، من الجيد أن الطريق التُرابي الذي كنتُ أقطعه مشيًا وأخوض في الوحل للوصول الي بيتكِ لألمح ظلكِ ولو صدفة قد تم رصفهُ وإضاءتهُ ، لن يحتاجَ حبيبُكِ الجديد أن يخوض في الوحل كما كنت أفعل أنا عندما يأتي اليكِ بسيارتهِ الفارهة ، من الجيد أيضًا أن لون سيارته حمراء تذكرني بالورود الحمراء التي كنتُ أسرقها من حديقة جارتنا العجوز كي أُهديها اليكِ ، أنا أعلمُ أنكِ تحبين اللون الأحمر كثيرًا ، أنا أحبهُ كذلك ، يذكرني بلون وجنتيكِ عندما قلتُ لكِ للمرة الأولى " أحبكِ " .. أذهبي اليه سيعطيكِ المال نعم لكنهُ لن يُعطيكِ حبًا ، لأنكِ لن تجدي مُحبًا لكِ مثلي لا على الأرض ولا حتى في السماء ، كنتُ أعرفكِ أكثرَ منهم ، عيناكِ هذه التي كنتُ أطفوا في فضائها دائمًا لا أعلمُ كيف ضاقت عليَّ وطردتني مِن فُلكها ، أعتقدُ أنني لم أعُد أُحبكِ ، أو لنقل لم يعُد الأمرُ هستيريًا كما في السابق ، لم أكُن أملكُ المقدرة الحقيقية على الإحتفاظ بكِ ، كما أنكِ لم تُقاتلي لأجل الإحتفاظ بحبنا ، رحلتِ فقط ولم تنبسي ببنتِ شفةٍ موضحةً سبب هذا الفراق .. جعلتيني أكتشفُ الأمر بنفسي ، يا صغيرتي الخائنة ، هذا الفُراق الأبدي الذي عصفَ بنا ، وجعل إمبراطورية حُبي لكِ تتهاوى ، سأعِدُكِ بشيء .. ستتذكريني كثيرًا حتى وأن كُنتِ معه ، ستتذكرين نكاتي وحماقاتي ، ستتذكرين نصائحي وكلماتي ، أعِدُكِ .. ستجديني مختبئاً خلف كلِ أُغنية تسمعينها ، ستتذكرين كُل شيء ، رُبما تعودينَ يومًا ، لكنكِ ستجدين أنني رحلت ، ربما الى قلبِ امرأة ثانية تحبني وتقاتل من أجلي وتعِدُني أنها ستحتفظُ بي لباقي العمر ، نعم .. لن أُبقي قلبي مُعلقًا بشخصٍ تخلى عني ، وعلّامَ ذلك ؟ ، لماذا قد أبقى متعلقًا ومحبًا لشخصٍ لا يُريدني ألا يعدُ هذا غباء ؟ .. لدي الكثير من الكرامة التي لن أُبددها عليكِ ، أنتِ كائنة مُثيرة للشفقة ، غبية ، ساذجة ، لقد عانيتُ كثيرًا لكي أُحولَ حُبي لكِ كُرهًا .. أحيانًا أودُ أن أخنُقكِ ، وأن أقتلكِ ، أن أُهشم رأسكِ بمطرقة كبيرة .. لكن أحيانًا كثيرة أودُ أن أرتمي بحضنكِ وأبقى هكذا الى الأبد ! .. ما هذا التضارب في المشاعر ؟ .. أن أجدكِ تارةً عدوةً لدودةً لي وتارةً أُخرى أجد فيكِ جزءاً كبيرًا يُشبهُ حنانَ أُمي لذا أعود وأحُبكِ من جديد ! .. حسنًا سأتخلص من كل هذا ، ببساطة شديدة سأمحوكِ من ذاكرتي كفلمٍ ممُل ذو حبكة تراجيدية ونهاية مأساوية ، أنها النهاية ، طفلتي الرقيقة ، أذهبي .. لا تقولي وداعًا فقط إذهبي ، لكن عديني أن تُحافظي على عينيكِ السوداوين  الجميلتين الواسعتين بلا نهاية ، لقد كنتُ أُحبهما كثيرًا ، " هذه العيون التي كنتُ أظنها وطنًا لا يخون ، لا أدري كيف خان ؟! "

،
- الى تلكَ التي أكرهها كثيرًا .. أُحبكِ

حقوق الطبع والنشر محفوظة ، لـ مجلة انا وذاتي