Social Icons

سأروض السعادة للالتفات ليّ : لـ | وليد حمدي اسرائيل

استيقظ الكون جميلاً علي غير عادته ، يُخبرني أ ن الحلم يهدي الحالمين ، كوحي نبي يهدي من اتبعوه ، لكن عليهم النزول عن التعالي علي الأشياء و الكلمات . نهضت محدثاً نفسي : إن لم أُحب في هذا الصباح ، بكل ما أُوتيت من رغبة بالحياة فلن أحب .
خرجت ، رأيت جنازة شخص لا أعرف من يكون ، و لا أعرف شيء من مآثره . مشيت بجانب الغرباء خلف نعشه ، قلت : لا بأس ، سأنهي طقوس جنازة الغياب تلك ، ثم أشارك الفرح الغناء بطريقة بلهاء ، في حياة بديهية .
مشيت قليلاً و تمتمت لماذا مات اليوم دون يوم آخر لماذا الآن ؟ لماذا هنا ؟ هرولت قليلاً حتي لحقت بنعشه و همست له : إن أسباب الموت كثيرة من بينها عدم التمسك بالحياة ، لماذا لم تتمسك بحياتك بعض الشيء ؟ كان عليك التمهل قليلاً ، لئلا تكدر يومي ، و غادرته إلي فتاة ؛ نسيت أنها تنتظرني بلا موعد .
ذهبت إليها ، استبقت الحديث : لماذا أنت منطوياً دائمًا ، و تأتأة خطوتك كالغرباء ؟
أتجاهل ذلك ، لم يعد موجوداً ، و أسألها : ما لون عيناكي ؟ ما إسمك ؟بمَّ أناديكي ؟ ماذا أسمي عالمك ؟ كيف هي هاويتك ؟
لا تزيدي تعلقك بيّ ، إذا زاد مطر حبي ، لا تدعيه يقل إذا قل . لن أملي عليكِ مشاعرك يومًا .
فتعانقني . .
فأضع قبلة علي وجهها في موطئ يقع في المنتصف بين شفتيها و عيناها و أقول : إكتبِ ليّ ، ساعديني علي الاقتباس ، كما عرفت أول أغاني الجسد حين تعانقنا !
صباح الخير ! أمي توقظني ، تُنهي ذلك الحلم .
فأرد مستاءاً ،صباح الخير .
تغادر ، أتذكر حلمي ، كم هي الحياة جميلة في الأحلام ، كم أنا حرُّ في خيالي ّ
انتهت تلك الأشياء سريعاً ، لم تدم سوي غفوة . عدت إلي ذلك الواقع ، لا أعلم إن كنت سعيداً أو حزيناً ، أو بين بين ، لست مبالياً إن كنت حقاً أنا أو لا أحد .
انتهي ذلك الحلم لكنه ترك أثره ، غادرني ، و ترك يقيناً يصاحبني ؛ أن السعادة مهما غابت ممكنة الحضور .و أنني غافل عن كوني ضيفاً عليها و مُضيفاً لها . ليس عليّ حرج إن تلعثمت في واقع سيء لا أجيد قراءته . لكني ،لن أتمرد علي نزوة الفرح الشاذ عني ،سأنتظر الخريف ليبعثر الأشياء حولي بفوضوية مبهجة ، ليأتي الشتاء ملقياً مطر خفيف ، يُنبت زهر ياسمين الربيع فيبقي فوحه مُخففاً قيظ الصيف .
لن أكون وصياً علي سعادتي ، لن أملي علي أنثاي مشاعرها . سأنتظرهم فرادي ، أو جوامع . سأنتظرهم إن جاؤوا بساطي كنسيم خفيف ، يحرك شرشف أبيض ، أو إن جاؤوا بغزارة ؛ كغزارة معني بيت شعر ينتهي بقافية ملائمة .
سأروض السعادة للالتفات ليّ ، فلا أنا أنا كما كنت قبل كذلك .

حقوق الطبع والنشر محفوظة ، لـ مجلة انا وذاتي