يا رفيقي ستُشقيك الحياة ، أكثر مما تظُن وأعمق مما تتخيل ، ستأخذ منك مالم تتوقع أنه في يومٍ ما سيُسلب منك ، ستُحِب من لم تتخيل للحظة واحدة أن بين ملايين من البشر هذا المختلف كثيراً عنك ، سيمتلك قلبك كله وجميعه ، ستُعَرِّفك الحياة على صديق ، ستظنه الأفضل .. ويالسوء حظِّك ، لن يكون كذلك !
ستجبرك الحياة على العيش في مكانٍ لا يُشبهك، ولا تُحبه ورُبما لا تُطيقه أيضاً ، ولكنك ستعيش ، وستعيش
ستؤلمك الحياة ، ورُبّما لن تُبالي بتورُّم جُرحك وستقوم بضربك ألف مرةٍ فوقه ، وسيأتي يوم ما وسيقل ألم هذا الوجع .. لا تقلق ، ستُلاقي ملايينٍ من الناس ، ولن تجد قلبك تعلَّق .. سِوى بذلك الذي تفصل بينك وبينه مسافاتٍ ، وجُغرافيا بعيدة.. وواقع دميم !
ويالتعاستك في هذه اللحظة ، ستسوء أحوالك كثيراً وستبكي كثيراً، وتتألم أكثر .. وستستيقظ ذات يومٍ مُعافى ، مُعافى تماماً من كل هذه الآلام .. فقط لأنك أردّت ذلك .
ستأمل ، ستحلم ، ستبني بيوتاً وشوارع وبحار .. وسيأتي إعصار واحد صغير وسيهدم كل ذلك !
ستُحِب ، ستُفَارق ، ستُحِب ، ستُفَارِق … هو هكذا الحُب!
ولكن ، وإن أوجعك لا تكف عنه .. لأن الحُب هو الحقيقة الوحيدة في هذه الحياة المليئة بالزيف ، ستكره قريب ، وستحب غريب .. ستتلقى ضربة من قريب ، وسيساعدك على الوقوف غريب … ومنذ هذه اللحظة ستتعلم بأن لا تُقدس أحداً، فلا تندم … فقد تعلمت درساً عظيماً .
ستوضع في دائرة ، ستظن بأنها كل الحياة .. كُن ذكيّاً وخطط جيّداً للهرب .. فالحياة لا تكمن في مكانٍ واحد، لا وطن ولا مدينة ولا بيت ، أنت لست شجرة مزروعة في الأرض ، وأي سؤال ليس له أجابه واحدة حتمية لست مجبراً للإجابه عنه إكتفي بالصمت ، لا تكن جاهلاً حاول أن تعرف بعض الشيء عن كل شيء .. لا تكن مُغفّلاً ، لا تجلس بلا رفيق حتى لو كان جماداً .. اهرب نحو القراءة وسماع الموسيقى لأن الموسيقى وظيفتها تلطيف بشاعة هذه الحياة !
.
ستُخطِئ .. كثيراً ! ، أخطاءً فادحة ، ورُبّما أخطاءً لن تغفرها لنفسك .. ولكن ستفهم لاحقاً بأنك بأخطائك ولا شيء سِوى أخطائك أصبحت بفضلها شخصاً أفضل ، وستعلم بأنه لا يتعلم أبداً من لا يُخطِئ . ستُشقيك الحياة ، نعم ! ، ستُشقيك .. أكثر مما تظن ، وأعمق مما تتخيل .. ولكنك لن تكترث ، وستسعد وستعيشها جيداً رُغماً عن كل هذا الأذى ستعيشها مرغماً ببؤسها وألمها ، ستعيش أحزانك وتتعود على كآبتك ، ستمرُ بكَ أوقاتٌ يتناقصُ عدد الأصدقاء من حولك ويقلُ عدد الذين يمكنك الوثوق بهم .. ستكتشفُ أخيراً أن لا صديق حقيقي لكَ سوىٰ نفسك !
بِدءاً من الدقيقة التي ستكتشف فيها أيضاً بأن في الشقاء حياة ، وبأنك لا يجب أن تنتظر مرور العقبات كي تعيش الحياة … لأن العقبات هي الحياة