الوحدة خانقة يا عزيزتي ، أنا أيضًا ليسَ لي أحدٌ أُكلمهُ بقلبٍ مفتوح ، أن أُسطرَ الكلمات أمامهُ بشغفٍ كبير ، أن أغوصَ في أعماقِ الأحداثِ كي أجدَ موضوعًا لأُطيل الحديثَ معه ، أنتِ إستثناء ، لقد كبرت ولم يعد مناسبًا أن أبدأ من جديد ، وأي جديد ذلكَ الذي ابدأُ منه ؟ ، كل الذي أعرفهُ أنني الصقتُ وجهي في واجهة العالم ، ثلاثة وعشرون عامًا ولم يُعجبني شيء إلا أنتِ ، هل يمكنكِ أن تكوني وطني ؟ ، هل يمكنني أن أنتمي إليكِ إلى الأبد ؟
أنا شَخص مَلول ، أعرِف نَفسي ، لا أستطيع المُكوث طَويلاً في الأماكِن ، لا أستطيع الإحتفاظ بالأشخاص أُدّرب نَفسي دائِماً على الترك ، لا أبني علاقة مع الأشياء ، ليسَ لدي شيءٌ مفضل ، في هذا الكون لا أملكُ إلا أنتِ ، أنتِ الوحيدة التي يلجئ إليها قلبي كلما هدده الخوف ، الحزن ، الكآبة ، معكِ فقط أشعرُ بالأمان الذي يشعرُ به طفلٌ صغير وهو يغفو على صدرِ أمه ، فأنا لا أُريد إتساع الارض ، أُريد ضيقَ حُضنكِ ، فكما قال قيسٌ " لو جازَ تقديسُ العِباد لوجدتني في حُضنكِ قد بنيتُ معبدًا " ، أنتِ القصًّة التي لا أريدُ أن يكونَ لها نِهاية ، أحيانًا أخافُ عليكِ مني ، أخافُ أن تبتلعكِ تعاستيِ ، لكنني أُحبكِ ، وأحتاجُ إليكِ ، أنتِ لا تعرفين ما معنى أن يُحبكِ شخصٌ متعب ، شخصٌ رغمَ مرارة حياته يحاول أن يُحبكِ بكل حلاوة هذا العالم ، ورغم كل الفوضى التي تسكنه فإنه يُرتب نفسه لأجلكِ ، أنتِ خطتي الوحيدة التي وضعتها لكي أكونَ أسعد رجل في العالم ، كيف لي أنْ أُعبر لكِ عمّا في داخلي دونَ أن أبدو كأتفه إنسان في الوجود ؟ ، كم عليَ أن أخسرَ في هذا العالم كي أربحكِ ؟
ما أحلىٰ النظرَ إليكِ ، هل تعلمينَ بأنكِ طاغية الجمال ؟ ، عيناكِ هذهِ الأكثرُ رحابةً من السماء من أينَ جئتي بهما ، من أينَ أشتريتهما ؟ ، كم دفعتِ ثمنهما ، أشبهُ بكرتي ماسٍ أُلقيتا بنهرٍ عذب ، هذا القلب اللحوح الذي أحمله داخلَ صدري يُريدُ أن يستكنَ بينَ راحتيكِ ، أنكِ بكلِ بساطة تُشبهين الموسيقى الهادئة الجميلة في بداية كُل الأغاني ، لا أستطيع أن أصفَ شكل قلبي بدقةٍ عندما أبدأ بمحادثتكِ ، لكنني أشعر أنهُ يُضيء ، ترىٰ كيفَ أُخبركِ بطريقةٍ منمقةٍ أنكِ بداخلي ؟ ، رغم الأمتار وإنعدام الكلام بيننا وإزدحام الأمور السيئة حولنا وتواجد الإصدقاء وزحمة اليوم الممتلئ بالآخرين ، كيفَ أُخبركِ أن ثمةَ إحساس أشعرُ بهِ نحوكِ ؟