Social Icons

رسالة إلى أناي المستقبلية : لـ | وليد حمدي اسرائيل

#رسالة_إلى_أناي_المستقبلية

وردة ، رسالة ، و ضباب كثيف
أما بعد ....
كيف حالك يا كل حالي ؟!
أما زلت كما أنتِ يا أناي ، أم تبدلت بكِ الأحوال ...
ماذا عن الألم السرمدي الذي لم ينقطع ، أمازال صديقًا لكِ ؟!
و ماذا عن الذكريات ؟! أم زالت تأن باسمي كلما حل المساء
و الوحدة ، أما زالت هي أغنيتي ... أم تم استبدالها بشخص ما ؟!
ماذا عن الأحلام ، و الطموح ... هل تحققوا أم مازالوا باقيين على حالهم ، وهمٌ من بقايا مراهقتي الأولى ؟!
ربما بلغت الأربعين الآن ، لكني متأكد بدهشتكِ من هذه الرسالة رغم أننا كتبناها سويًا ، أنتِ و أنا ... الأنا الماضية ...
حسنًا بما أنه لن يقرأ هذه الرسالة سوانا ، فلا بأس بأن نعترف لأنفسنا ببعض الأسرار ...
لطالما رأيت نفسي أحمقًا حالمًا ، لدرجة أنني ظننت أنهم كتبوا اسمي بطريقة خاطئة في شهادة الميلاد ، إذ كان يجب أن يكون ... " أحمق حالم " متأكد أنكِ تضحكين مني و منك في آن واحدٍ الآن يا أناي ...

في الحقيقة لا أدري لماذا أكتب هذه الرسالة الآن ، ولا أدري ماذا أقول فيها ... ربما بسبب الفراغ الذي أعيشه في تلك الأيام و اليأس المبالغ فيه ، أو ربما ... لا ادري ، أنتِ الآن أكبر و أعمق مني سنًا و فكرًا لربما أجد عندك جواب حين نلتقي ..
و لكن ... هل ترانا نلتقي ؟!
لطالما راودني ذاك الأحساس الرهيب بالموت الفجائي ، ذاك الاحساس بأنني لن أعيش طويلا ... و بأنني سأموت يوم الميلادي في السابع عشر من ابريل ...
لكني حقيقة بقدر ما أخاف الموت ، أخاف أن اموت نكرة ، دون أن يذكرني أحد ، دون أن أقدم شيئًا ما ينفع الناس !!

الكثير من الأفكار تضارب في راسي يا اناي ... لا ادري متى تنتهي رسالتي تلك ، فهل لديكِ الوقت ؟!

الحياة يا أناي ، الحياة... ما هي إلا كذبة ، و وهم و إنها الأقرب لمحاكاة وهمية أو لعبة من ألعاب الفيديو ، أشبه بفيلم سينيمائي ، رتيب و ملل أحداثه بطيئة و ليس لها أهمية .. الحياة بلا تغيير نقمة ، و الخلود لعنة ... تمس كل من تمسك بالحياة ...

الحب يا أناي ، كم هو جميل و مؤلم في نفس الوقت
لا تنكري أننا مررنا بالكثير من اللحظات المبهجة ، التي تمس الروح و الجسد و الخيال ... الحب سلاح ذو حدين يا أناي
ربما مازلتِ تعيشيين التجربة ، أو ربما انهيت إحدى التجارب للتو ، لكن ثقي كل ثقة أن كل شخص يدخل حياتنا و يرحل يعلمنا شئ ما ، شيئًا يدعونا للأستمرار في التجربة ، التجربة للتي تكون بمثابة مرحلة تطهير من كل الأخطاء ، عند وجود الشخص المناسب يحلق المرء عاليًا ، فتنفتح أمامه كل الطرق ..

المرض ، أتدرين يا اناي ، علمني المرض أن أرى نصف الحقيقة ، من يكذب و من يصدق ، من يقترب و من يبتعد
تخيلي لو فُقِأت عيني يوما ما ، ستكون الرؤية أوضح مما هي بعينين ، العين الواحدة ترى جوهر الأشياء ، لأن العين الأخرى دائمًا تشتتها ... برغم آلام المرض إلا أنه يكشف الكثير من الحقائق ..

أما الموت ، فإنه الحقيقة الواحدة ، في لحظة تنكشف كل الأشياء ، الملائكة ، الشياطين ، الصادقين و المنافقين
لحظة و يكون المرء في عالم آخر يرى و يسمع كل شئ ولا يُرى أو يُسمع و كأنه اكتسب صفة من صفات الغيب
رغم مهابتي للموت إلا أنه الحقيقة الواحدة خلال حياة من الكذب ....

لا أدري عما اتحدث ، بدأت الأفكار تهرب مني كأنهن الملائكة و أنا الشيطان ... ربما أكتب لكِ مجددا يا أناي ، أتمنى ألا تهترئ الرسالة و أنا لا تمحي السنين الحبر عن الورق ، فقط كوني بخير
أما عن الرسالة فهي لنا حين نصل إلى الأربعين
و الوردة فهي لقبرنا إن متنا قبل ذلك
و الضباب ، فهو المسافة بين و بينك يا أناي ، عسى أن ينقشع قريبًا ...

وداعًا
المخلص
" أحمق حالم "

الوحدة خانقة يا عزيزتي : لـ | وليد حمدي اسرائيل

الوحدة خانقة يا عزيزتي ، أنا أيضًا ليسَ لي أحدٌ أُكلمهُ بقلبٍ مفتوح ، أن أُسطرَ الكلمات أمامهُ بشغفٍ كبير ، أن أغوصَ في أعماقِ الأحداثِ كي أجدَ موضوعًا لأُطيل الحديثَ معه ، أنتِ إستثناء ، لقد كبرت ولم يعد مناسبًا أن أبدأ من جديد ، وأي جديد ذلكَ الذي ابدأُ منه ؟ ، كل الذي أعرفهُ أنني الصقتُ وجهي في واجهة العالم ، ثلاثة وعشرون عامًا ولم يُعجبني شيء إلا أنتِ ، هل يمكنكِ أن تكوني وطني ؟ ، هل يمكنني أن أنتمي إليكِ إلى الأبد ؟

أنا شَخص مَلول ، أعرِف نَفسي ، لا أستطيع المُكوث طَويلاً في الأماكِن ، لا أستطيع الإحتفاظ بالأشخاص أُدّرب نَفسي دائِماً على الترك ، لا أبني علاقة مع الأشياء ، ليسَ لدي شيءٌ مفضل ، في هذا الكون لا أملكُ إلا أنتِ ، أنتِ الوحيدة التي يلجئ إليها قلبي كلما هدده الخوف ، الحزن ، الكآبة ، معكِ فقط أشعرُ بالأمان الذي يشعرُ به طفلٌ صغير وهو يغفو على صدرِ أمه ، فأنا لا أُريد إتساع الارض ، أُريد ضيقَ حُضنكِ ، فكما قال قيسٌ " لو جازَ تقديسُ العِباد لوجدتني في حُضنكِ قد بنيتُ معبدًا " ، أنتِ القصًّة التي لا أريدُ أن يكونَ لها نِهاية ، أحيانًا أخافُ عليكِ مني ، أخافُ أن تبتلعكِ تعاستيِ ، لكنني أُحبكِ ، وأحتاجُ إليكِ ، أنتِ لا تعرفين ما معنى أن يُحبكِ شخصٌ متعب ، شخصٌ رغمَ مرارة حياته يحاول أن يُحبكِ بكل حلاوة هذا العالم ، ورغم كل الفوضى التي تسكنه فإنه يُرتب نفسه لأجلكِ ، أنتِ خطتي الوحيدة التي وضعتها لكي أكونَ أسعد رجل في العالم ، ‏كيف لي أنْ أُعبر لكِ عمّا في داخلي دونَ أن أبدو كأتفه إنسان في الوجود ؟ ، ‏كم عليَ أن أخسرَ في هذا العالم كي أربحكِ ؟

ما أحلىٰ النظرَ إليكِ ، هل تعلمينَ بأنكِ طاغية الجمال ؟ ، عيناكِ هذهِ الأكثرُ رحابةً من السماء من أينَ جئتي بهما ، من أينَ أشتريتهما ؟ ، كم دفعتِ ثمنهما ، أشبهُ بكرتي ماسٍ أُلقيتا بنهرٍ عذب ، هذا القلب اللحوح الذي أحمله داخلَ صدري يُريدُ أن يستكنَ بينَ راحتيكِ ، أنكِ بكلِ بساطة تُشبهين الموسيقى الهادئة الجميلة في بداية كُل الأغاني ، لا أستطيع أن أصفَ شكل قلبي بدقةٍ عندما أبدأ بمحادثتكِ ، لكنني أشعر أنهُ يُضيء ، ترىٰ كيفَ أُخبركِ بطريقةٍ منمقةٍ أنكِ بداخلي ؟ ، رغم الأمتار وإنعدام الكلام بيننا وإزدحام الأمور السيئة حولنا وتواجد الإصدقاء وزحمة اليوم الممتلئ بالآخرين ، كيفَ أُخبركِ أن ثمةَ إحساس أشعرُ بهِ نحوكِ ؟

حقوق الطبع والنشر محفوظة ، لـ مجلة انا وذاتي