Social Icons

لقد اكتفيت : لـ | وليد حمدي اسرائيل

دائماً ما كنتُ أشعر أنّ في داخلي يعيش شخصان مختلفان بجوارِ بعضهما البعض ، بإمكانهما أن يكونا صديقين ، لكنهما ليسا كذلك ، هما يقولان " كل ما في الأمر أننا مختلفان تماماً " ، ليس إنفصامًا كما يسمونه علماء النفس إنما هي حالة غريبة من الفوضى التي تولدها الوحدة ، الوحدة التي تجعلنا نخلقُ أصدقاءًا وهميين ، اليوم فقط أكاد أسمع أنهما يتشاجران في داخلي ، يعاتبُ أحدهما الآخر ، أحدهم يقول : حسنًا إنتهى كُل شيء ، أنت ضعيف يا صديقي ، كنتَ طوال هذه الفترة فاشلاً في قيادة هذا الجسد الهزيل ، كنت ضعيفاً ورقيقاً أكثر من اللازم وهذا تسبب بأن يهوي هذا الجسد في وادٍ عميق من الكآبة السوداء ، كان السقوط الأخير مدويٍ ومؤلم فعلاً ، إنتهى دوركَ الآن ، سلمني القيادة ، عندما تواجه هذا العالم القبيح وهذه الكائنات العرجاء التي تُسمي نفسها بشراً فلا مجال للضعف ولا للرقة ، هؤلاء إنّ كُنتَ قاسياً معهم سوف يهابونك ويحترمونك ويجلون قدركَ ومقامك ، وإنّ كُنتَ لينًا معهم سوف ينتزعون عيونك من وجهك ، أمّا الآخر فاكتفى بالصمت.

في السابق ، أتذكرُ أنّني كنتُ قوياً جداً ، ثم قوياً ، ثم أقل قوة ، ثم بلا قوة ثم منهكاً ، ثم بدأت أشعر بالضعف ثم أصبحت ضعيفاً ثم أقل ضعفاً ثم هشاً .. ثم قاسياً كالموت ، هذه الخطة الحالية .. أو هذا الذي أخطط أنّ أصل اليه ، ولا أملكُ خطةً أُخرى ، وربما لا أعرف كيف أسطر بعض الأحرف تِباعًا كي تصف الحالة التي أنا عليها اليوم أو التي مررتُ بها ، جلّ الذي أعرفهُ أنّني لم أكُن بخير ، لم أكُن على وفاقٍ مع هذه الحياة ، ولم أكُن على إنسجامٍ تام مع هذا المجتمع الذي جعلني غريبًا هكذا .. أيقنتُ أن ضغوط الحياة تتوالى ، وأنها تزدادُ قسوةً ورهبة ، ونحن نزداد غلظةً وصبرا .. كانَ عدم إنهياري بشكلٍ صارخ ومتدفق في الأوقات التي كانت تستلزمُ ذلك ، جعلني ذلك أدفع الثمن بأن أتعرض للإنهيار كُل يوم بشكلٍ مُصغر .. لم تعُد الخيبات تُدهشني فلقد إعتدتها ، ولم تعُد الشكوى تفيدني بشيء ولا تستطيع الكتابة أنّ تُخرجُ هذا الغضب الذي يخنقُ روحي فأهملتها وأنزويتُ بعيدًا عن الأنظار .. مُكتفيًا بما أملك ، سريرُ دافئ ، بعض الأوجاع الجسدية ، الكثير من علب الدواء ، وشجار هذان الأحمقان في داخلي .. وطفلٌ صغير يجلس بينهما مرعوبًا ويصرخ بوجه الحياة .. لم أعُد أصلحُ لكل تلك القسوة ... لقد اكتفيت !

سأتزوج : لـ | وليد حمدي اسرائيل

في المجتمعات الفاشلة أعظم إنجاز للمرأة هو الزواج والتحول لألة إنجاب ، لذلك نرى مجال المنافسة فيه كبير وأحاديث النساء غالباً ما تتضمن المفردات التالية : " متزوجة ؟ " و " كم ولد عندك ؟ "

وإذا كان الرد بالنفي للسؤالين أعلاه هنا تكون المرأة اقل حظاً ومكانة في نظرهم ،
في المقابل تكتد تخلو تلك المجتمعات من أهداف عظيمة فعلاً
" ما هو مجال دراستكِ ؟ "
" ما هي مكانتكِ العلمية ؟ "
" ما هي مقدراتكِ الثقافية ومستواكِ التفكيري ؟ "
لأن هذه الجمل غير مطروحة للنقاش في مجتمع فاشل يسطو عليه الذكور وتكاد تعجز فيه المرأة عن صنع مكانة مرمرقة لها ولمثيلاتها بسبب العادات الإجتماعية والدينية الركيكة

قالت لي صديقتي يوماً :
" دراستي أهم ، عملي أهم ، لا أهتم لرأي الأغبياء الذين ينعتوني بالعانس وأنا لم أتجاوز الرابعة والعشرين ، وحدها الفتاة الفاشلة هي التي يكون أعظم طموح لها في الحياة هو الزواج ، لا أعده إنجازاً عظيماً لي عندما يكون جلّ الذي حققتهُ في حياتي هو أسري لقلبِ رجلٍ ما ! "

الزواج والإنجاب جداً سهل إذا كان على طريقتكم ، لكن الصعب هو أن تكونوا أحرار في أختيار أقرانكم لتتزوجوهم ، الصعب هو أن تكونوا قادرين على الحب ، الصعب هو أن يرتقي هذا المجتمع بنسائه ولا يعاملهن كماكنة تفريخ أو خادمة منزلية ، الصعب هو أن تخلعوا عبائة أجدادكم وعاداتهم الإجتماعية والعشائرية الحجرية وتلبسوا رداء التحضر وتصنعوا مصيركم بنفسكم

في النهاية ، سأقتبس هذه الحوارية التي كتبتها الفلسطينية سلام عيدة في روايتها ( ديجاڤو ) ؛

- ألن تتزوجي إذن ؟ ( قالت الأم بحسرةٍ وحُزن )

- سأتزوج ، أعدكِ ... حين أجد رجلاً يرتاح له كل كياني ، فالزواج يا أمي ليس ثوباً نرميه في ختام المسرحية ! ، الحب الذي لا يريحنا ويسعدنا ، ليس حُباً بل هو شقاء من نوعٍ آخر ، يحميه المجتمع ببطانة سميكة ، ويصمُ أُذنيه عن عيوبه بتصفيقٍ حاد لمن إنضم إلى قطيع المتزوجين ، ولو نُزعت الأقنعة لوجدتِ نصف المتزوجين تُعساء لسوءِ الإختيار ولتسرّعِ القرار ، و أنا لا أرغب في أن أكون مثلهم يا أمي .

سأعود أقوى  : لـ | وليد حمدي اسرائيل

رغم كل شيء، أنا مُمتن لهذة الأيام القاسية التي تدهسني الأن، صحيح لا شيء في مكانه، إنتكاسة نفسية وأرهاق بدني وجسدي مع تشتت وتخبط كبير يحدث، لكني لست قلقًا، ربما سأمكث وقت طويل في غرفتي ولن ترحمني نوبات بكائي وإكتئابي، سأواصل الأنهيار حتى أعمق نقطة في الحزن والضعف، لقد حاربت طوال الفترة الماضية كي لا أقع في فخ الأكتئاب من جديد لكنني فشلت، والأعتراف بالفشل هو أول خطوة ناحية النجاح..

أعتدت دائمًا على الثبات، على الوقوف حتى النفس الأخير، أومن حين أتعافى من هذه النوبة القاسية سأعود من جديد أقوى مما كنت، سأواصل الركض خلف أحلامي مهما بدت مستحيلة بالنسبة للغير، لن أستمر في اي علاقة مرهقة مهما كانت مكانة الشخص بالنسبة لي، ولن أفضل أحد عليٌ، ليست أنانية لكنني تأذيت بما يكفي من الجميع بلا إستثناء، أومن قدرتي على التجاوز والتناسي وفي الأوقات الصعبة يقود عقلي الوضع لتجاوز هذا التعثر الأليم، هذا ليس أول خذلان وعن سوء الظن ف لقد أمنت ان لا أحد يستحق الدفاع عن نفسك أمامه، الوجع يعلمني دائمًا وأشد درس تتعلمه هو ذاك الذي تدفع شخصيتك ضريبة له، هذة الفترة ستمر حتمًا ستمر مهما كانت، ما أعرفه جيدًا إنني سأعود أقوى لأنني دائمًا أعتدت على ان أكون قويًا بما يكفي لأتجاوز كل شيء .

حقوق الطبع والنشر محفوظة ، لـ مجلة انا وذاتي